11/29/2011

وما الفائدة ان كنتم تؤمنون بما لا تستطيعون تحقيقه


اختبرت خلال الأيام السابقة عدداً كبيراً من الأشياء بداية من البكاء غيظاً لكوني لا أملك من تغيير الأمر شيئاً وانتهاءاً إلى الوقوف على رأس الموت والرغبة في تجميد اللحظة في صورة أو صورتين أو حتى مقطعاً مصوراً قد لا يتجاوز الخمس دقائق .

عندما بدأت الأحداث يوم السبت 20 نوفمبر كنت اعاني من الصداع الشديد وقررت أن اكتفي بمتابعة الأحداث وتجميع الصور والفيديوهات وتحري الأخبار حتى وقع خبر اصابة الصديق الرائع مالك مصطفي وقتها لم اتمكن سوى من ادخال الخبر إلى غرفة الأخبار والذهاب سريعاً إلى سيارتي لتبدأ رحلة أخرى من المستشفى إلى الميدان والذي كان قراراً شخصياً جداً ان اكون من مجموعة عمل الميدان طوال الأيام التالية

وبرغم كل النصائح والمحاولات لمنعي من العمل داخل شارع محمد محمود- كوني إمرأةً- إلا أنني كنت أرى أن أقل ما يمكنني تقديمه لهذه المعركة هو تجميد البطولات والإنتهاكات والاحتفاظ بها حية في ذاكرة هذا البلد من خلال الصورة ، لا أعرف كيف حتى الآن لا يمكننا الاحتفاظ بالرائحة فكلما راجعت ما قمنا بتصويره استشعرت وخزة ليست بالقليلة لأنني لم أتمكن من الاحتفاظ برائحة الغاز وحرقة الخرطوش وسخونه الدم ليتمكن المشاهد المتدثر بخوفة وإنكاره من الوقوف على ما حدث.

مرت الأيام سريعاً وهدأت الأحداث ولا أعرف حتى الآن لماذا هدأت بهذه الطريقة المفاجئة والغريبة؟ ولماذا ان كانوا يريدون من البداية تأمين وزارة الداخلية وفقاً لما زعموه أننا نحاول اقتحامها فلماذا لم يقوموا ببناء هذا الجدار العازل منذ اليوم الأول حقناً لكل هذه الدماء ؟ولماذا إن كنا نحن لا نريد سوى تأمين الميدان لم نقم بعمل متاريس ولو حتى مفخخة منذ اليوم الأول للإعتصام؟ وأين كانوا كل من تسمونهم رموزاً سياسية من هذا النزيف ؟

"الانتخابات " ربما تتحمل هذه المفردة عبئ تفسير عدد لا بأس به من التساؤلات .

وبما أن الأمور قد هدأت فقد كان من المنطقي أن أنضم إلى الفريق المسئول عن تغطية الانتخابات فأنا أسعى لاكتساب بعض الخبرة في مجال الإعلام الذي دخلته منذ وقت قصير، وبطبيعة الحال قررت أن أستفيد من عملي في مجال التنمية وحقوق الإنسان طوال السنوات السابقة وأن أقوم بجمع أكبر عدد من المراقبين المنتشرين في كافة اللجان للاستعانه بهم على مدار اليوم في التغطية الإنتخابية ففريق التصوير لا يمكنه أن يعمل من داخل اللجان بينما المراقبون هم من يتم تدريبهم لنقل الصورة الكاملة بإيجابياتها وسلبها ولاوقوف على أية انتهاكات وبالفعل قمت بالإتصال بعدد كبير من المؤسسات والمجموعات المسئولة لا يمكنني أن أقول كلهم ولكن أجزم أنهم عدد كبير .

وكان ما أثار غضب كبير بداخلي أنني لم أجد أيه جهوزية من هذه المجموعات سواء من حيث التنظيم أو من حيث المنتج أو من حيث التواصل مع الإعلام في الوقت نفسه وجدت اتصالاً هاتفياً صبيحة اليوم الأول للانتخابات من المنسق الإعلامي لأحد الأحزاب والتي تنتمي إلى تيار الإسلام السياسي يبلغني أنه سيقوم بإمدادي بتقرير مفصل مرة كل ساعة وملحق به أسماء وأرقام المراقبين المتواجدين داخل اللجان كما أنه سيقوم بإرسال روابط البث المباشر عبر الانترنت من أمام اللجان المختلفة وبالفعل في الوقت الذي أرسلت لي منطمة واحدة قائمة بحوالي عشرة أسماء ، قام هذا الشاب بإرسال كافة ما تحدث عنه بإحترافيه ومهنية شديدة ولكن بالطبع مهنيته لم تعلمه أن يذكر الانتهاكات التي يقوم بها الحزب الذي ينتمي إليه ولا أرى ذلك عيباً فهو بمثابه واجهه تسويقيه ولا اتوقع أن يخبرني عن عيوب سلعه هو من يبعيها في الوقت الذي تكاسلت فيها واجهات تسويقيه أخرى حتى عن أن تمدني بمميزات سلعها واكتفت بأن تسب سلع الأخرين .

الجهوزية مفردة لابد أن نٌعيد معاً التعرف على ما تعنيه وما الذي يمكننا تحقيقه منها حتى لا نق ي الوقت في سب من تعرف عليها مسبقاً وأذكر هنا تحديداً عندما كنت في المدرسة الابتدائية كان كل التلاميذ بما فيهم انا بالطبع نكره وبشدة هؤلاء الجالسون في الصفوف الأمامية والذين لا هم لهم سوى حفظ دروسهم والتفوق في الامتحانات وعندما بالصدفة قررت في الثانوية العامة أن التحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وكان لابد من ترجمة ذلك إلى درجات تؤهلني لذلك وجدت زميلاتي يبادلونني شعورٌ كنت أشترك معهم في مبادلته الأخرين .